http://www.eltare7.blogspot.com/google324c3cba9ff2b9ca.html‬ التاريخ صانع المستقبل: تحليل بعض اوراق البردى الخاصة بوثائق الزواج التى كشفت فى مصر خلال القرنين الثالث والرابع الهجريين " التاسع والعاشر الميلاديين "

ردد معى

لا اله الا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحى ويميت وهو على كل شئ قدير

الاثنين، 23 يوليو 2012

تحليل بعض اوراق البردى الخاصة بوثائق الزواج التى كشفت فى مصر خلال القرنين الثالث والرابع الهجريين " التاسع والعاشر الميلاديين "




تطوراستخدام البردى عبر العصور المختلفه
       معنى كلمة البردى : هو نبات من جنْس نبات مائيّ عُشبيّ من فصيلة السُّعْديّات ، يعلو نحو متر أو أكثر ، يكثر وجوده في منطقة المستنقعات بأعالي النيل
البردى فى العصور الفرعونية
       تفوق المصري القديم في الصناعات الزراعية كالبردي حيث كان ينمو بغزاره بصورة طبيعية حول مجارى المياه في المستنقعات .
     وهو يمثل أهمية كبيرة في حياه المصري القديم وصنع منه القوارب الخفيفة لكي يعبر بها في النيل كما صنع منه السلال والحصر والحبال وكذلك النعال وقد استخدم كذلك في بناء الاكواخ المبكرة واستخدمت حزم منه لكى ترفع السقف وهى المادة التي تأثر بها المصري عندما تحول إلى البناء بالأحجار كما لو كانت حزم من البردي .
     اشتهرت مصر بصناعة الورق البردى ،كما صدر منها كميات هائلة إلى أنحاء العالم المتمدين ويكفى أن نعرف أن عقول علماء أثينا أثناء فترة ازدهارها كان محدود بكمية البردي التى تقدرها مصر. 
وقد استخدم البردي أيضا في تدوين المعلومات ولم يقتصر على ذلك فقط ولكن استخدم أيضا كطبقات في تغليف الموتى وقد كانت أول لفافه عثر عليها كانت خاليا من الكتابة في مقبرة (حماكا) ،أما أول لفافه مكتوبة فقد كانت عبارة عن حسابات للملك (نفرير كارى ) من الأسرة الخامسة (2400 ق.م ) 
      واهم مكان كان ينمو فيه هو مستنقعات دلتا النيل ، كما كان ينمو بكثرة عظيمة على طول مجراه وفى الأماكن الضحلة ولاسيما في الدلتا والفيوم على انه لا يوجد الآن إلا في منابع النيل العليا بالحبشة في مواضع متناثرة بشمال الدلتا وسوريا وصقلية .
البردى فى العصر اليونانى
       وجدير بالذكر أن الإغريق قد استخدموا كمية ضخمة من البردي ومن بعدهم الرومان الذين اخذوا دون شك عن الإغريق استعمال لفائف البردي ضمن ما أخذوه عنهم من أساليب الحضارة الأخرى.
       والبردي الإغريقي تعد منه الكتب على شكل لفافة طولها من 6 إلى 7 أمتار – وإذا ما طوى المخطوط فانه كان يتخذ شكل اسطوناه قطرها 5 إلى 6 سم يسهل الإمساك بها ، ويقال أن مكتبة الإسكندرية كانت تحتوى من البرديات اليونانية ما يقرب من 50.000 لفافة .
البردي الرومانى
       في الربع الأخير من القرن الأول ق.م سيطرت الإمبراطورية الرومانية على مصر وشمال أفريقيا وسوريا وفلسطين وخلال تلك الحقبة احتفظ البردي المصري كمادة للكتابة بالصدارة بين مواد الكتابة الأخرى في مصر وسوريا وقامت مصر بتصديره إلى بلاد اليونان وإيطاليا بل واحتكرت عملية إعداده وصناعته – إلى أن نافسته مواد أخرى اشهرها الرق حتى في مصر ذاتها - ظلت مصر تحتكر صناعة ورق البردي وتصديره للعالم الخارجي ، وخاصة الإمبراطورية الرومانية وتشير الأدلة انه في بداية العصر الروماني كانت بعض مستنقعات الدلتا في حوزة الأفراد ، كما أن بعض المستنقعات في الفيوم كانت جزءا من ضيعة الإمبراطورية.
       وكانت الإمبراطورية الرومانية تعتمد على البردي المصري حينئذ اعتمادا كبيرا ليس فقط للأغراض الأدبية والعلمية بل للأغراض الأخرى كالمراسلات والعقود ومختلف الوثائق القانونية – فقد ذكر بليني انه قد تعطل وارتبك العمل اليومي في إدارات الإمبراطورية نظرا لندرة وغلو ورق البردي نتيجة نقص المحصول في وقت من الأوقات.
العصر القبطي
        فقد وجد في الادير والكنائس وجمعت منها اللفائف حيث تكونت هناك الجماعات الرهبانية الأولى منذ القرن الثانى ق.م. وبعد فحص هذه المخطوطات أمكن التعرف على نصوص مسيحية وغيرها ترجع إلى القرن الخامس الميلادي. 
       ولكن ما تخلف لنا من ورق البردي القبطي قليل للغاية ، ربما لظروف الاضطهاد التي عانت منها الكنيسة القبطية من بداية عهدها تحت حكم الرومان ، وربما للفقر الذى عانت منه الكنيسة القبيطة من بداية عهدها تحت حكم الرومان ، وربما لفقر المسيحيين الأقباط الأول وعجزهم عن اقتناء البردي ، لغلو ثمنه أمام احتكار الحكومة لزراعة وصناعته وتجارته . 
البردى فى العصور الإسلامية 
        وخاصة العصور الأولى (عصر الولاه) اصبح هناك مصانع حكومية ومصانع أهلية لورق البردى من بعد إن كان حكرا على الدولة في العصور السابقة كالعصر البطلمى وكانت هذه المصانع في الإسكندرية وان كانت هذه المصانع تبتاع حق مزاولتها هذه الصناعة ولكن بعد ذلك اصبح البردي مرة أخرى قاصرا على الدولة .
      والواقع أن إنتاج البردي لم يكن قاصرا على استخدام أو استغلاله فقط في التصدير وحسب ولكن النساخ المصريين استخدموه في كتابه المخطوطات ،ويعد اقدم كتاب مكتوب على ورق البردي هو كتاب الحديث لأبى محمد بن عبد الله بن وهب وقد عثر عليه بمدينة ادفو ولا ريب انه كان من عمل النساخين المسلمين وقد برهنت تلك المخطوطات والكتب الدينية الإسلامية على أن المسلمين لم يقفوا مكتوفى الأيدي أمام غيرهم من أهل الذمة والأقباط.
       وكان درج البردي يصنع في دور البردي ثم يتناوله الناس عن طريق التجارة ويتالف عن عشرين ورق ملصق بعضها ببعض وتسمى الورقة الأولى من هذه الأوراق الصق الأول .
        وقد ظل إنتاج البردي حتى سقوط الدوله الطولونيه وعودة البلاد إلى الدولة العباسية ، وقد انتقلت في ذلك الوقت صناعة الورق من الصين وتوقف إنتاج البردي 
ويرجع تدهور صناعة قراطيس البردي في العهد الإخشيدي إلى قله العملات الأجنبية الواردة إلى مصر من قله صادرات البردي.
      وقد يتبين لنا مشاركة مواد أخرى متنوعة في الكتابة إلى جوار اوراق البردي وذلك لسد احتياجات الدولة الفنية من مواد للكتابة في الدولة وفى الخلافة فقد استخدم مواد أخري تنافس البردي كالرق (1)والأديم (2) والقضيم (3)وكلها أنواع من الجلود وأيضا شاركت البردي ونافسته مواد أخرى كعسب النجيل والكرانيف  ، وكذلك استعملت الأكتاف والأضلاع في الكتابة ويقصد بها عظام اكتاف الإبل والغنم وأضلاعها . وكذلك استخدم المهارق وهى عبارة عن صحف بيضاء من القماش و مفرودة  .وكذلك استخدم اللخاف وهى نوع من الأحجار البيض الرقاق والتى استخدمها البعض في تسجيل العديد من النصوص 
       وعلى الرغم من ذلك لم تصل كل هذه المواد إلى مستوى جوده البردي والذي يتميز بأنه خفيف الحمل ولين الألياف وسهل التداول بخلاف المواد الأخرى التي اتسمت بالصلابة كالأحجار بشتى أنواعها والفخامة كسعف النحيل وغيرها الأمر الذي جعل من إمكانية حفظها أمرا عسيرا وهذا يفسر سبب إقبال المسلمين إلى استغلال جميع مصانع ورق البردي بعد الفتح وابقائهم على الصناع الحرفيين وكانوا من الأقباط.
       ويعتبر المستشرق أدولف جروهمان قد وقف جزءا كبيرا من جهوده العلمية لدراسة اوراق البردي والواقع أن الاوارق البردية لما لها من شأن في دراسة الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية في العصر الإسلامي آذ انه من بينها نصوصا تتعلق بالجزية والخراج وإسناد المناصب وانظمة الإدارة وطرق التجارة وبناء العمائر والمساجد وإنشاء الأساطيل واثمان البضائع والبيوت والأراضى الزراعية وفضلا عن عقود الزواج والبيع والشراء و إلى ذلك من المكاتبات .
وسوف يقتصر الحديث فى هذا البحث بتحليل بعض وثائق البردى الخاصة بعقود الزواج  :-
ونبده بعرض سريع لأركان الزواج فى الشريعه الاسلامية :


اركان النكاح :
     للنكاح ركنان وهما جزآه الذان لايتم بدونهما : احدهما الايجاب وهو اللفظ الصادر من الولى اومن يقوم مقامه . وثانيهما القبول وهو اللفظ الصادر من الزوج او من يقوم مقامه ، وهناك امر اخر وهو ارتباط الايجاب بالقبول . (4)
اما بالنسبه لشروط النكاح : 
ففى الحنفية : للنكاح شروط 
اولا الصيغة : وهى عبارة الايجاب والقبول فيشترط فيها :
      ان تكون بألفاظ مخصوصة اما ان تكون صريحه او كناية . الصريحة مثل لفظ تزويج او نكاح ، اما الكناية فإن النكاح لا ينعقد بها الا بشرط  ان ينوى بها    التزويج وان تقوم قرينة على هذه النيه وان يفهم الشهود المراد او يعلنوا به ان لم تقم قرينة يفهموا منها . والكنايات عند الشافعيه مثل الهبه ( وهبت نفسى بنية الزواج ) او الصدقة او التمليك ( ملكتك نفسى ) او الجعل ولكن الاجارة والوصية لا ينعقد بها النكاح .
       اما بالنسبة للايجاب والقبول : ان يكون الايجاب والقبول فى مجلس واحد وان تكون الصيغة مسموعه للعاقدين . وان لا يكون اللفظ مؤقتا بوقت ( زوجينى نفسك شهرا بصداق ) .
ثانيا شروط الخاصة بالعاقدين : وهما الزوج والزوجة : فمنها العقل والبلوغ والحرية . وان يكون الزوج والزوجة معلومين .(5)
ثالثا الشروط التى تتعلق بالشهاده : 
       شرط لصحة عقد النكاح فلابد منها واقل نصاب الشهادة فى النكاح اثنان فلا تصح بواحد . ولا يشترط فيها ان يكون ذكرين بل تصح برجل وامرأتين ، على ان النكاح لايصح بالمرأتين وحدهما ، بل لابد من وجود شاهد رجل معهما . ولا يشترط فيها عدم الأحرام فيصح عقد المحرم بالنسك .   ويشترط فى الشهود خمسة ( العقل ، البلوغ ، الحرية ، والاسلام ) فلا ينعقد نكاح المسلمين بشهادة الذميين إلا اذا كانت المرأة ذمية ، والرجل مسلما فإنه ينعقد نكاحها بشهادة ذميين سواء كانا موافقين لها فى الملة او مخالفين  .
      وينعقد النكاح بشهادة اعميين او محدودين فى قذف او زنا وإن لم يتوبا ، او فاسقين كما ينعقد بشهادة الابن الذى لا تقبل شهادته على ابيه وامه فى غير النكاح ويصح شهادة الاب ( وان كان يعقد بها النكاح الا انه لايثبت بها عند الانكار وبهذا فعلم ان شهادة الوالى تنفع فى الانعقاد . ومن الشروط المتعلقة بالشهود ان يسمعا كلام العاقدين معا ، وينعقد النكاح بشهادة الاخرس وفاقد النطق وإذا كان يسمع ويفهم . (6)
اما فى الشافعية :
    شروط النكاح بعضها يتعلق بالصيغة ، وبعضها بالوالى ،وبعضها بالزوجين ، وبعضها بالشهود. اولا الصيغة : يشترط لصحتها 
1- عدم التعليق (كأن يقول له : زوجتك ابنتى ان اعطيتنى دار كذا ) فأنه لايصح  .
2- التأقيت ( كأنه يقول لها : زوجينى نفسك مدة شهر وهو نكاح المتعة وقد ورد     النهى عنه فى خبر الصحيحين . 
3- ان تكون الصيغة بلفظ مشتق من تزويج او انكاح ( كزوجتك ابنتى ") ويصح العقد بالالفاظ الاعجمية والالفاظ المحرفة مثل ( جوزتك موكلتى ) 
4- لا يصح انعقاده بغير هذه الصيغ مثل عند الحنيفيه ، فلابد عند الشافعيه من لفظ مشتق من انكاح او تزويج .( لان كلمة الله الواردة فى القرآن هى نكاح وتزويج لا غير ولا يصح ان يقاس عليها غيرها .(7)
 مثل فى قوله تعالى } وإن خفتم الا تقسطوا فى اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث واربع { ] النساء : 3 [ وقوله  }فانكحوهن بإذن اهلهن { ] النساء : 25 [  وقوله } وانكحوا الايامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم { ] النور : 32 [ 
قوله تعالى } وابتلوا اليتامى حتى اذا بلغوالنكاح فإن انستم منهم رشدا فادفعوا إليهم اموالهم { ] النساء : 6 [(8)
 وبالجملة لا يصح النكاح بالكناية لانها تحتاج الى نية والشهود ركن ولابد لهم من الاطلاع على النية ولايمكن الاطلاع عليها .
ثانيا شوط متعلقة بالزوج : 
        ان يكون غير محرم للمرأة فلا يصح ان يكون اخا لها او ابنا وان يكون مختارا فلا يصح نكاح المكره ، وان يكون معينا فلا يصح نكاح المجهول وان لا يكون جاهلا حل المرأة له فلا يجوز له ان يتقدم على نكاحها وهو جاهل لحلها .
ثالثا شروط متعلقة بالزوجة :
        ان لا تكون محرما له ، ان تكون خاليه من الموانع فلا يحل نكاح محرمة ، ولا نكاح احدى المرأتين مثلا ولا نكاح المتزوجة او المعتدة .
رابعا شروط متعلقه بالشاهدين : 
       فلا تصح شهادة عبدين او امرأتين او فاسقين او احمين ،او اعسبين كما لا تصح شهادة المتعين للولاية فلو انحصرت الولاية فى الاب او الاخ فوكل غيره بمباشرة العقد وحضر هو فلا يصح ان يكون شاهدا .
       ودليل الشهادة مع الولى فى النكاح ما رواه ابن حبان ( لا نكاح الا بولى وشاهدى عدل وما كان من نكاح على غير ذلك فهو باطل ) .
       ويسن الاشهاد على رضا غير المجبرة احتياطا كى لاتنكر وذلك لان رضاها ليس من نفس النكاح الذى جعل الاشهاد ركنا له وانما رضاها شرط فى النكاح فيسن الاشهاد على وقوعه منها ورضاها قد يحصل بإخبار وليها من غير شهادة . (9)
ثالثا الحنابلة : قالوا للنكاح اربعة شروط :
1- تعين الزوجين : ( يقول : زوجتك ابنتى فلانه فاذا قال : زوجتك ابنتى من غير تعين وكان له غيرها لم يصح العقد وكذلك للزوج ) فلابد ان يميز الزو والزوجه باسمه او بصفته المعروف بها .
    وان صيغة النكاح لابد ان تكون بلفظ النكاح او التزويج ، واما القبول فيكفى بقول قبلت اورضيت فلا يشترط فيه ان يقول ، قبلت زواجها او نكاحها ، ولا يتقدم القبول على الايجاب .
2- الاختيار والرضا : فلا ينعقد نكاح المكره اذا كان عاقلا بالغا ولكن اذا لم يكن عاقلا بالغا فإن للاب اكرتهه . وللاب ان يجبر البكر ولو كانت بالغة .(10)
3- الوالى : ويشترط من سبع شروط : الذكورة ( إذ لا تصلح ولاية المرأة )-العقل – البلوغ – الحرية – اتفاق الدين فلا يصح ولاية كافر ولا نصرانى ومجوسى الا السلطان فإن له الولاية بصرف النظر عن اختلاف الدين او الرشد .
4- الشهادة : فلا يصح الا بشهادة ذكرين بالغين عاقلين عدلين ولو كانت عدالتهما ظاهرا ولو رقيقين ،ويشترط ان يكونا متكلمين مسلمين سميعين فلا تصح شهادة الاصم والكافر ، ويشترط ان يكونا من غير اصل الزوجين وفرعيهما فلا تصح شهادة اب او الزوج او الزوجه او ابنائهمالان شهاتهما لاتقبل .
5- خلو الزوجين من الموانع الشرعية .(11)
رابعا المالكية : شروط الصيغة :
ان تكون بألفاظ مخصوصة وهى ان يقول : انكحت بنتى او زوجتها بشرط الصداق .
الفور ، فيشترط لصحة النكاح ان لا يفصل بين الايجاب والقبول فاصل كثير يقتضى الاعراض ( فإذا قال الوالى : زوجتك فلانه قال الزوج : قبلت ذلك الزواج زلا يضر الفاصل اليسير ،كما اذا فصل بخطبة قصيرة ) ولا يلزم ان يكون موجودا فى المجلس ، بل يصح ان يرضى بعد علمه ولو بزمن طويل .
ان لا يكون اللفظ مؤقتا بوقت .
ان لا يكون مشتملا على الخيار ، او على شرط يناقض العقد .
ويشترط فى الولى ثمانية شروط : الذكوره ، الحرية ، العقل ، البلوغ ، عدم الاحرام وعدم الكفر (اذا كان واليا لمسلمة ).
    ويشترط فى الصداق ان يكون مما يملك شرعا فلا يصح الصداق اذا كان خمرا او خنزيرا او ميته او كان مما لا يصح بيعه كالكلب .
        اما الشهادة فقد عرفت انها ضرورية لابد منها ولكن لا يلزم ان يحضر الشهود عند العقد بل يندب ذلك فقط فاذا قال الولى : زوجتك فلانه وقال الزوج : قبلت انعقد النكاح ، وان لم يحضر احد ولكن يجب ان يحضر شاهدان عند الدخول بها فإن دخل عليها من غير شاهدين فسخ النكاح بطلقة . ولابد ان يشهد شاهدان غير الوالى فلا يرفع الفسخ حضور الوالى .(12)
 ويشترط فى الزوجين الخلو من الموانع كالاحرام ، فلا يصح العقد فى حال الاحرام وان لا تكون المرأة زوجة للغير او معتده منه . وان لا يكونا محرمين بنسب او رضاع او مصاهرة .
ثم نتطرق فى الحديث عن الصداق 
        معنى الصداق فى اللغة : هو المهر ( وهو دفع المال المشعر بالرغبة فى عقد الزواج  ). فيكون المعنى اللغوى مقصورا على وجب بالعقد .
اما المعنى اصطلاحا : فهو اسم للمال الذى يجب للمرأة فى عقد النكاح فى مقابل نكاحها .(13)
مهر : مهر المرأة يمهرها مهرا من حد صنع اى اعطاها المهر وفى المثل كمهوره بإحدى خدميتها اى خلخاليها ويقال ايضا امهرت الجارية او العبد اى جعلت ذلك مهر للمرأة .وقال عليه السلام ] ادوا العلائق قيل فما العلائق قال المهور ما تراضى عليه الاهلون [ 
       روى العبادله عن النبى ( صلى الله عليه وسلم) انه قال ] لا مهر اقل من عشرة [ العبادله هم عبد الله بن عباس وعبد الله بن مسعود وعبد الله بن عمر رضى الله عنهم .(14)
     تزوج النبى عليه السلام عائشة رضى الله عنها على اثنتى عشرة اوقية  الاوقيه اربعون درهما وتزوج عبد الرحمن بن عوف امرأة على نواة من ذهب النواة قدر خمسة دراهم ونواة من ذهب ذهب قيمته خمسة دراهم .
      وروى ان النبى عليه السلام تزوج ام حبيبة بنت ابى سفيان وكان الذى ولى عقد النكاح النجاشى ومهرها عنه اربعمائة دينار ، قوله تزوج ام حبيبة اى صار زوجا لها حكما بأمره النجاشى بهذا العقد قبل العقد او بإجازته ذلك بعد العقد وقوله وكان الذى ولى العقد اى تولاه بنفسه من حد حسب بحسب بكسر السين فى الماضى والمستقبل .(15) 

شروط المهر : 
1- ان يكون مالا متقوما له قيمة ، فلا يصح باليسير الذى لا قيمة له ،كحبة من بر. 
ففى الحنيفية قالوا : اقل المهر عشرة دراهم وى تساوى فى زمننا اربعين قرشا تقريبا ، ولا فرق بين ان تكون مضروبه اولا ، ويصح ان يسمى سلعة . او عرض تجارة تساوى قيمتها عشرة دراهم . 
     ولكن فلو تزوجها بصداق يسير ، ولو ملء كفه طعاما من قمح او دقيق فإنه يصح لما رواه جابر مرفوعا . لو اعطى رجل امرأة صداقا ، ملء يده طعاما ، كانت له حلالا . وظاهر هذا ان الصداق ليس مقصوردا لذاته فى الزواج ، وانما هو مقصود للارشارة الى ان الرجل ملزم بالانفاق على المرأة من اول الامر .
وما ورد من ان النبى ( صلى الله علية وسلم ) اجاز النكاح بأقل من ذلك ، كما قال للاعرابى :التمسى ولو خاتما من حديد " فإنه محمول على المعجل الذى يسن ، فإنه يندب ان يعطى الرجل للمرأة شيئا ، مهما كان معسرا ، والباقى يبقى دينا فى ذمته . (16)
اما فى المالكية : قالوا : اقل المهر ثلاثة دراهم من الفضة الخالصة من الغش . او عرض تجارة يساوى ثلاثة دراهم . وقدر الدرهم عندهم بما زنته خمسون حبة وخمسماية حبة من الشعير الوسط .
        فإن نقص الصداق عن ذلك ، ثم دخل بها ، ثبت العقد ، ووجب على الزوج ان يعطيها هذا الاقل ، اما فبل الدخول فهو مخير ، بين ان يتم لها الصداق الى الحد الادنى ، وهو ثلاثة دراهم . او يفسخ العقد وعليه نصف المسمى من الصداق .
2- ان يكون المهر طاهرا يصح الانتفاع به فلا يصح الصداق بالخمر او الخنزير او الدم او الميته .
3- ان لا يكون الصداق مغصوبا ، فإذا سمى لها صداقا مغصوبا غير مملوك له لم يصح الصداق ويصح العقد ، وكان لها مهر المثل . 
4- ان لا يكون مجهولا . (17)
   حدثنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا عبدالعزيز بن محمد حدثني يزيد بن عبدالله بن 
أسامة بن الهاد ح وحدثني محمد ابن أبي عمر المكي ( واللفظ له ) حدثنا عبدالعزيز عن يزيد عن محمد بن إبراهيم عن أبي سلمة بن عبدالرحمن أنه قال سألت عائشة زوج النبي صلى الله عليه و سلم  ، كم كان صداق رسول الله صلى الله عليه و سلم ؟ قالت كان صداقه لأزواجه ثنتي عشرة أوقية ونشا قالت أتدري ما النش ؟ قال قلت نصف أوقية قتلك خمسمائة درهم فهذا صداق رسول الله صلى الله عليه و سلم لأزواجه .(18)
      حدثنا قتيبة بن سعيد الثقفي حدثنا يعقوب ( يعني ابن عبدالرحمن القاري ) عن أبي حازم عن سهل بن سعد ح وحدثناه قتيبة حدثنا عبدالعزيز بن أبي حازم عن أبيه عن سهل بن سعد الساعدي قال جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فقالت يا رسول الله أهب لك نفسى فنظر إليها رسول صلى الله عليه و سلم فصعد النظر فيها وصوبه ثم طأطأ رسول الله صلى الله عليه و سلم رأسه فلما رأت المرأة أنه لم يقض فيها شيئا جلست فقام رجل من أصحابه فقال يا رسول الله إن لم يكن لك بها حاجة فزوجنيها فقال  :فهل عندك من شيء ؟ 
     فقال لا والله يا رسول الله فقال اذهب إلى أهلك فانظرهل تجد شيئا ؟ فذهب ثم رجع فقال لا والله ماوجدت شيئا فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم انظر ولو خاتم من حديد فذهب ثم رجع فقال لا والله يا رسول الله ولا خاتم من حديد ولكن هذا إزاري ( قال سهل ما له رداء ) فلها نصفه فقال رسول الله ما تصنع بإزارك إن لبسته لم يكن عليها منه شيء وإن لبسته لم يكن عليك منه شيء فجلس الرجل حتى إذا طال مجلسه قام فرآه رسول الله صلى الله عليه و سلم موليا فأمر به فدعي فلما جاء قال ماذا معك من القرآن ؟ قال معي سورة كذا وكذا ( عددها ) فقال تقرؤهن عن ظهر قلبك ؟ قال نعم قال اذهب فقد ملكتها بما معك من القرآن .
هذا حديث ابن أبي حازم وحديث يعقوب يقاربه في اللفظ 
]( فصعد النظر فيها وصوبه ) صعد أي رفع وصوب أي خفض ( ولو خاتم ) هكذا هو في النسخ خاتم من حديد وفي بعض النسخ خاتما وهذا واضح والأول صحيح أيضا أي ولو حضر خاتم من حديد ( ملكتها ) هكذا هو في معظم النسخ وكذا نقلها القاضي عن رواية الأكثرين ملكتها وفي بعض النسخ ملكتكها ] (19).
عرض وتحليل بعض الوثائق :
الوثيقة الاولى :
1 بسم الله الرحمن الــ]ر[حــ]ـيم [
2 هذا ما اصدق حميد بن شهران اصـ] ـدق               من العين [
3 الجيد ] المصرى      عـ[ شرين دينارا . ]           تاما [
4]وافيـ[ـاوابراته من ذلك براة قبض واستيفى ويبقى لها ] كذا دينـ[ ارا مؤخر
لها عليه الى انقضى ثمانية حجج متواليات
5 أولهن تاريخ هذا الكتاب وعليه ان يتقى الله عز وجـ] ـل فيها ويحسن
صحبتها بـ [ ــالمعروف كما امره الله تبارك وتعالى
6 به فى كتابه وسنة محمد رسوله صلى الله عليه وعلى آ] له .......فيـ[ ما عليه
من ذلك ودرجة زايدة كقول
7 الله تعالى وللرجال عليهن درجة والل] ــه [ عزيز حكيم وتولى تزويجها ]............
.............................[ وبأمرها
8 ورضائها وتوكيلها اياه بذلك وإشهادها لها ] وعليـ[ ـها وهى يوميذ بنت
بكر بالغ صحيحة العقل
9 والبدن جايزة الامر لها وعليها ف] ــرضى حميد بن شهران بهذا [ الصداق
المذكور عاجله وآجله
10 وعلى الشرايط المذكورة فيه وقبل ا ] لزوج المذكور هذا النكاح [ المقر
بما شرط له وعليه
11 بزوج .. ] فى صحة عقولهم وابدانهم وجواز امورهم طايعين غير
مكروهين [و] لا مجـ[ برين ولا] مضـ[ طهدين
12 ]                                                        [




      هذه الوثيقة لعقد زواج وجدت فى حالة رديئة جدا وقد تلف المتن فى كثير من مواضعه ، وضاع الجزء الذى يحمل توقيعات الشهود ، ولم يعرف المكان الذى اكتشف فيه هذا العقد ، والوثيقه غير مؤرخه لكن جروهمان يعتقد انها تعود للقرن الثالث الهجرى .
      ونلاحظ اولا ان صيغه العقد تبدا ببسم الله الرحمن الرحيم ، ثم ذكر اسم الزوجين ولم تكن صيغة العقد بالفظ الصريح للنكاح وانما بالكنايه المراد بها الزواج ( هذا ما اصدق حميد بن شهران اصدق ...............من العين ) وهذا يصح عند الحنيفية  .
         ثم ذكر مبلغ الصداق وهو عشرين دينارا وهذا يدل على ان الزوج والزوجه من الطبقة المتوسطة لان مبلغ الصداق ليس بالقليل مثلما فى غيرها من الوثائق الذى يصل الصداق فيها الى دينارين ، ثم تحديد ما تم دفع مقدما للزوجة عند العقد وتحديد ما تبقى لها عند زوجها كدين عليه يجب سداده خلال ثمانية حجج متواليات تبدأ من تاريخ العقد .
        وذكر بعد ذلك الرسول صلى الله عليه وسلم واية قرأنية قال تعالى } وللرجال عليهن درجة والله عزيز حكيم { ، ثم ذكر شروط النكاح الخاصة بالعاقدين وهما الزوج والزوجه واثباتها فى العقد وشهادة الشهود عليها مثل بالنسبه للزوجة ( بكر ، بالغ ، صحيحة العقل ، والبدن ) كما ذكر انها جايزة الامر لها وعليها اى انها تتمكن من التصرف فى املاكها وامورها وهذا يرفع من مكانة المرأة ووضعها فى المجتمع . ثم ذكر شروط الخاصة بالزوج وهى ( صحة العقل ، والبدن ، وجواز اموره ) .
       وفى النهاية ذكر انهم (طايعين غير مكروهين ولا مجبرين ولا مضطهدين ) وهذا شرط اساسى لصحة النكاح عند كل من الشافعية والحنابله . ولكن لم يكن شرط لصحة النكاح عند الحنيفية حيث يصح النكاح اذا اكره الزوج او الزوجة على النكاح .
هناك مجموعة م الوثائق البردى الخاصة بالزواج بصيغة إسلامية ولكن اسماء العاقدين ( الزوج والزوجه) من اهل الزمة "نصارى" 
نبدأ الحديث عن وضع اهل الزمة فى تلك الفترة :-
وضع اهل الذمة فى الاسلام :
        اهل الذمه هم المستوطنون من غير امسلمين ، فى  البلاد التى فتحها المسلمون ، وصاروا سادتها وحكامها  . والذمة فى اللغة هى العهد او الذميون 2 واهل الذمة هم اهل الكتاب – الكتابين السماويين التوراة والانجيل – اليهود والنصارى ومن فى حكمهم ممن لا كتاب سماويا لهم وهم المجوس والسامرية والصابئة  .(20)
فى عصر الدولة الطولونية والاخشيدية : 
       نعم اهل الذمة فى عصر الدولة الطولونية بالهدوء والاستقرار فتحسنت احوالهم وباشروا طقوسهم الدينية فى حرية تامة واحسن الامراء الطولونيون معاملة اهل الذمة وخاصة القبط منهم ، وكان احمد بن طولون لا يتوانى عن الذفاع عن حقوقهم والاقتصاص لهم من عماله وقواده ، وهو ما فعله الخليفة عمر بن الخطاب مع واليه على مصر عمرو بن العاص حين اقتص منه لاحد القبط فى مصر .(21)
         ويشير البلوى الى رواية نستدل منها على معاملة ابن طولون لاهل الذمة وخاصة القبط ، فقد روى ان ابن طولون بعث احد قواده ن الى بعض جهات الريف لاصلاح احوالها . فلما انتهى القائد من مهمته ، وشى بعض القبط من الضيعة براهب ، وارادو الانتقام منه ، واخبروا القائد بأن الراهب ، عثر على كنز عظيم فاستدعى القائد هذا الراهب ، وطلب منه خمسمائة دينار . وتقدم الراهب بشكواة الى دا الامارة ، فاستدعى ابن طولون القائد واعتقله ، كما استدعى الراهب ، واحسن لقاءه وارضاه .
   ومن ناحية اخرى قام القبط بدور لا يستهان به ، فى ادارة البلاد وهو الدور نفسه الذى قاموا به ايضا فى عصر الولاة ، فكان منهم عمال الخراج ، وكتاب الدواوين ،بل شاركوا فى اعمال الشرطه والمحافظه على الامن والنظام فى البلاد . وتشير اوراق البردى الى اسماء كثير من القبطالذين كانوا يقومون بجباية الخراج ، وجمع الضرائب الاخرى . فنجدهم يشغلون وظيفتى القسطال والجهبذ (22)
        ومن بين القبط اتخذ احمد ابن طولون وزراؤه الكتاب فكان لابن طولون كاتبان قبطيان هما يوحنا وابراهيم ابنا موسى ويسميهم ساويرس ايضا بسوسى وابرام كما كان لوزير ابن طولون احمد بن الماردانى ، كاتب قبطى يسمى يوحنا او يوانسى  ، وكان هؤلاء الكتاب يعملون على رعاية مصالح اخوانهم من القبط ، وحماية بطركهم كان ابن طولون ايضا يتخذ بعض مواليه من هؤلاء اندية الذى نسبت اليه قرية اندونة  .(23)
            وكان احمد بن طولون يتردد كثير على رهبان دير القصير ، الذين قالوا عنه ، كثيرا ما يطرقنا الامير احمد بن طولون ، ويخلو فى بعض قلالينا يفكر . وكان يأنس براهب منا ، يقال له اندرونه  . كما ظفر احد القبط ويسمى ابن ابى ذؤيب بنفوذ عظيم فى عهد احمد بن طولون . فكان من بين حجاب القصر ، وكثيرا ما سعى بالكتاب والعاملين بالدولة . وكان يلازم ابن طولون كظله فكان يأكل معه ويجالسه . وينادمه ، وكان ابن طولون يطمئن اليه ويستشيره فى كثير من الامور  ، كما كان يعتمد على المهندسين القبط فى البناء والتعمير فعهد الى احد القبط ويسمى سعيد بن كاتب الفرغانى فى بناء عين ماء له وعهد اليه ايضا فى بناء جامعه الذى يحمل اسمه.
         كما ان خماروية يتخذ وزراء له من القبط ويعتمد عليهم فى المحافظة على الامن والنظام فى بعض البلاد المصرية وفى الدفاع عن حدود بلاده . وتشير الرواية القبطية الى ان اسقف طما ويسمى انبا بخوم كان له حوالى ثلاثمائه غلام كان يعتمد عليهم فى حفظ الامن فى بلاده . كما اتقن الكثير منهم الرمى بالنشاب . وكان انبابخوم يتمتع بمكانة عظيمة لدى الامير خمارويه ، كما احب هذا الامير ، غلمان الاسقف ، وقربهم اليه . كما اعتمد عليهم فى حفظ الامن والنظام ، وفى تفقد احوال تلك البلاد ، وحراسة حدود البلاد الغربية ، لانه كان يخشى الفاطين فى المغرب ، وكان لهذا الاسقف وغلمانه من ينقل اليهم اخبارهم ، ثم يخبرون الامير خماروية  . (24)
         ولكن الى جانب ذلك كان هناك نوع من التعسف مع بعض الاقباط ويمكن ان يكون مبررا . فمثلا  المهندس سعيد بن الكاتب الفرغانى بعد ان اتم بناء العين رأى ان موضع العين يحتاج الى قصرية جير واربع طوبات ، فعملها ولسوء حظ هذا القبطى ، ان فرس ابن طولون عثر به عند هذا الموضع مما جعل ابن طولون يشك ان ذلك المكروه اراده القبطى له . فبدلا من مكافأته ، قبض عليه ، وامر بجلده وحبسه  .
        وعندما فرض احمد بن طولون غرامة ماليه على بطرك القبط انبا خايال ، وقد كان ذلك نتيجة لسعاية بعض القبط بالبطرك . فقد حمق اسقف سخا على البطرك انباخايال ، فأوقع به عند ابن طولون واغراه به واخبر الامير احمد بن طولون ان البطرك يمتلك اموالا لاتعد ولا تحصى. وكان ابن طولون فى اشد الحاجة الى الاموال فى ذلك الوقت ، لانه كان يعد العده للقتال فى بلاد الشام ، ما استدعى ابن طولون البطرك انباخايال ، وطلب منه مساعدته فى هذه الظروف العصيبة ، واعطاءه ما عنده من الاموال ليجهز بها الجيوش ، فيحظى البطرك بذلك برضا الامير ابن طولون ، ورضا الخليفة ايضا عنه.
        واعلم البطرك ابن طولون ، انه لا يمتلك ذهبا ولا فضه مما اغضب ابن ولون ، وجعله يندم على اكرامه للبطرك ، وحسن معاملته اياه . وقال عند ذلك للبطرك ان كل من هو على دين مخالف للاسلام ، اذا اكرم ، لا يعرف الاكرام " زامر بحبسه عقابا له على رفضه تقديم الاموال للامير.
         اما فى عصر الاخشيدين فقد اقتصر استخدام اهل الذمة على جباية الخراج والاعمال المالية المختلفه حيث كان من بين الموظفين القبط الذين اشرفوا على الشئون المالية ابن عيس بقطر بن شفا وتدل  على ذلك اوراق البردى حيث تشير الى الجهابزة وعمال الخراج القبط وتضم مجموعة الارشيدوق رينير فى فينا ، وثيقة من البردى ، تتضمن ايصالا  مؤرخا من سنة 235 هـ / 942 م ويشير الى ان بكام بن دانيال ، دفع الجزية القرره عليه ، وقدرها ثلث دينار ، وثلثى قيراط فى حضور ابى الحسن بن عيس لعامل الجباية تيودور بن خاييل. 
        وتذكر الرويات القبطية ان كافور الاخشيدى 2 . كان له وزيرمن القبط يسمى ابو اليمين مزمان بن مينا ، وتضيف الروايه القبطية الى ذلك انه ولى خراج مصر ، ودبرا امورها بعد وفاة كافور حتى استقر الامر للخلفاء الفاطمين سنة 358 هـ . فلما لمسوا فى ابى اليمن قزما بن مينا ن الثقة والامانة ، ابقوه فى مكانه ناظرا فى كورة مصر  . (25)
اما فى عصر الفاطمين : فقد شهد عمارة واسعة للكنائس والاديرة باستثناء فتره محدوده ، تعرضت فيها الكنائس والبيع للهدم والتخريب . ففى خلافة المعزلدين الله الفاطمى تمكن القبط من بناء كثير من الكنائس وتعميرها . اذ كتب المعز لبطرك انبا افراهام السريانى سجلا يخول له بناء كنيسة ابى مرقورة التى كانت قد هدمت قبل ذلك ، وصارت شونة للقصب ،وكذلك الكنيسة المعلقة بقصر الشمع ، كما اطلق المعز للبطرك امولا من بيت المال مساعدة له فى بناء هذه الكنائس ، الا ان البطرك رد الاموال للخليفه واكتفى بأخذ السجل الذى يحق  له فى بناء هذه الكنائس.(26)
         ولكن عامة المسلمين تعرضوا للبطرك عند بنائه كنيسة ابى مرقوره ، وحاولوا ان يحولوا بينه وبين هذا البناء " وعند ذلك تقدم البطرك بشكواه منهم للخليفه المعز الذى تولى بنفسه مباشرة البناء ، وصحب معه فرقة من الجند ، الى جانب استدعائه البنائين  من كل مكان وتعهد له بالحماية . ولم يجرأ احد من المسلمين بعد ذلك على الاعتراض . وكمل بناء هذه البيعة ، وايضا الكنيسه المعلقه بقصر الشمع . كما قام البطرك بتعمير كافة الكنائس التى تحتاج الى العمارة دون ان يتعرض له احد . الى جانب تعمير عدة كنائس فى مواضع مختلفه بالاسكندرية ، وانفق البطرك فى ذلك اموالا كثيرة  . ومن الكنائس التى حددها ابناء افراهام . كنيسة ابى سيقين فى الفسطاط فى خلافة العزيز بالله الفاطمى . (27) 
         وقد تعرض اهل الذمة جميعا ، لكثير من المضايقات فى خلافة الحاكم بأمر الله . فقد امر بهدم جميع البيع والكنائس ، فى جميع انحاء الاقاليم المصرية ، والاستيلاء على جميع ما فيها من الاوانى الذهبية والفضية ، وحول الكثير منها الى مساجد للمسلمين. وقد تساوى فى ذلك القبط واليهود على حد سواء . ولكن عاد الحاكم بعد ذلك ، واذن لاهل الذمة بإعادة ما اخذ من هذه الكنائس من الذهب والفضه والاخشاب والعمد والرخام وغيرها  ، واستمر عملية ترميم الكنائس وتعميرها فى خلافة الظاهر لاعزاز دين الله ، دون اعتراض احد من الحكام والعوام حتى اعيدت الكنائ الى ما كانت عليه وافضل .(28)
         فى خلافة المستنصر، بنيت كنائس كثيرة ، الى جانب ترميم بعض الكنائس الموجودة وتجديدها فى سنة 429هـ ، بنى البطرك الملكانى سطوديس فى القاهرة ، كنيسة مرقورة ، وكنيسة  السيد بحارة الروم ، كما اعيد ترميم كنيسة جرجيس بخط الحمراء ، وقد حاول المسلمون منع ذلك , الا انهم تمكنوا من اتمام البناء.
كذلك تمكن كاتب سر الخليفه المستنصر ، ووزيره ابو السرور يوحنا بن الايح من الحصول على سجل يحق له بناء بعض الكنائس وعقوبة من يتعرض له من المسلمين فبنى كنيسة برباره وسرجيوس.
        وجددت كنائس واديرة كثيرة فى خلافة الآمر ، الذى استخدم القبط فى حكومته على نطاق واسع ، فارتفع شأنهم مماعزز جانبهم ، فأخذوا فى تجديد كنائسهم ، وتعمير اديرتهم ، ونذكر من ذلك دير النسطورويسمى دير القديس مارى جرجس حتى صار من المتنزهات المشهوره فى ذلك العصر .(29)
          والحقيقة ان اهل الذمه فى مصر قد تمتعوا بحريه كامله فى القيام بطقوسهم الدينيه اللهم الا فى فترات محدودة ، وهى الفترات التى اشتد فيها بعض الحكام ، فى تطبيق الاحكام الاسلامية بشأن الذميين ، والتى سرعان ما يعقبها فترة يتمتع فيها الذمييون بلآمن والسلام ويمارسون فيها حياتهم الدينية وغير الدينية فى حرية واطمئنان  .


اما بشأن التضيق على اهل الذمة فى الحياة العامه : 
       والواقع ان التميز بين اهل الذمة والمسلمين فى الملبس ، والركوب والهيئه ، راجع الى ما اشترطه الخليفه عمر بن الخطاب على اهل الذمه فى البلاد التى فتحها المسلمون . 
        يقول ابو يوسف  " لايترك احد منهم ، يتشبه بالمسلمين فى لباسه ، ولا فى مركبه ولا فى هيئته ، ويؤخذون بأن يجعلوا فى اوساطهم الزنارات ، مثل الخيط الرفيع ، يعقده كل واحد منهم فى وسطه ، وبأن تكون قلانسهم مضربه ، وان يتخذوا على سروجهم فى موضع القرابيس مثل الرمانه من الخشب ،وبان يجعلوا شراك نعالهم مثنية ، ولا يحذوا حذو المسلمين ، ويمنع نسائهم من ركوب الرحائل . كما يشير الى ان الخليفة عمر بن الخطاب قد امر عماله بذلك ، حتى يمكن معرفة زى اهل الذمه من زى المسلمين ، ومن ثم يمكن التمييز بينهم بسهولة ،وكان على اهل الذمة ايضا الا يلبسوا العمائم والطيلسان. ولا يركبوا الخيل وانما يركبون البغال والحمير بالاكف عرضا  . ان تكون اقدامهم من جانب واحد ، ويشير بعض المصادر الى انه كان على اهل الذمة ارتداء الوان مميزه ، خاصة بهم دون المسلمين . 
        ولكن نجد ان هذه الالتزمات ، لم يؤخذ الذميون بها ، الا فى الفترات التى تشدد فيها بعض الخلفاء والحكام ، بتطبيق احكام الاسلام ، والتشديد على اهل الذمة ، والالتزام بها . وهذا كان بالنسبة لاهل الذمة عامة فى البلاد الاسلامية . اما فى مصر الاسلامية ، نلاحظ ان اهل الذمة لم يلزموا بذلك الافى فترات معينة محدوده وخاصتا فى خلافة عمر بن العزيز الخليفة الاموى وعهد الخليفة العباسى المتوكل ، واخيرا فى عهد الخليفة الفاطمى الحاكم بامر الله .(30)
        اما فى عصر الخليفة العباسى المتوكل ، الذى تشدد مع الذميين ،والزامهم بكثير من الامور وهدد من يحاول عدم تنفيذها ، فكتب فى سنة 235 هـ الى مختلف الاقاليم الاسلامية بما فيها مصر ، يوصى عماله بضرورة التمييز بين المسلمين فى الملابس والركوب والزمهم ببعض الامور فى هذا الشأن وتحذيرهم بمخالفة ذلك . ويجدر بنا الاشارة الى بعض هذه الكتب وقد جاء فيها .
" وقد راى امير المؤمنين ، وبالله توفيقه وارشاده ، ان يجعل اهل الذمه جميعا بحضرته فى نواحى اعماله ، اقر بها وابعدها ، واخصهم واحسبهم ، على تغيير طيالستهم التى يلبسها من لبسها من تجارهم وكتابهم وكبيرهم وصغيرهم ، ملونة كالوان الثياب العسلية لا يتجاوز ذلك متجاوز منهم الى غيره . ومن قصر عن هذه الطبقة من اتباعهم ، وارذالهم ، ومن سعد به حاله من لبس الطاليسة ، اخذ بتركيب خرقتين ، صبغها ذلك الصبغ ن تكون صدره ، ومن وراء ظهره ، وان يؤخذ الجميع منهم فى قلانسهم تركيب اذرة عليها تخالف الوانها ، الوان القلانس ، وترفع فى اماكنها التى تقع بها منها ، لئلا يلصق بها ، فيستتر ولا يكون ما يركب منها على احساك فيخفى . وكذلك فى سروجهم باتخاذ ركب خشب لها ونصب اكر على قرابيسها تكون نائيه عنها . ومرفعة عليها لا يرخص لهم فى ازالتها عن اعلى قرابيسهم ، ومواخير سروجهم الى جوانب ، بل يتفقد ذلك منهم ليتبع ما وقع من الذى امر امير المؤمنين بحملهم عليه ، ظاهرا يثبته الناظر من غير تأمل ، وتأخذه الاعين من غير طلب . وان تؤخذ من امهاتهم وعبيدهم من يلبس المناطق من تلك الطبقه بشد الزنانير مكان المناطق التى كانت فى اواسطهم .........".(31)
        كما امر المتوكل نساء اهل الذمه بلبس ازرار عسلى اللون  ، وتشير بعض المصادر الى ان المرأة الذميية كانت تتدثر بالدثار الاصفر. حين تغادر بيتها الى الخارج وتضع المنطق حول وسطها  . وبعد سنوات ، وفى سنة 339 هـ الزم الخليفة المتوكل اها الذمة بلبس دراعتين  عسليتين . وامرهم بالاقتصار على ركوب البغال والحمير دون الخيل. (32)  
اما عن علاقة عامةاهل الذمة بعامة المسلمين :
       والحقيقة ان المسلمين لم يكونوا فى عزله تامة عن اهل الذمه فى المجتمع المصرى ، وبصفة خاصة عن القبط . فقد تشارك المسلمين مع القبط فى اعيادهم ويتبادلون الهدايه فيما بينهم ، كانت تسود بينهم علاقات ود طيبه بينهم حتى ان النصارى كانوا يتلقبو بالقاب المسلمين مثل لقب الشيخ .

        يقول القلقشندى  بشأن تلقب القبط المستخدمين بالالقاب المختلفة" وقد اصطلحوا على القاب يتلقبون بها ، غالبا مصدره بالشيخ ، ثم منهم ما يجرى على الرسم الاول فى التلقيب بالاضافة الى الدولة فيتلقب بولى الدوه ونحوه ومنهم من يحذف المضاف اليه فى الجمله ويعرف اللقب بالالف واللام فيقولون الشيخ الشمس ، والشيخ الصفى والشيخ الموفق ، وزما اشبه ذلك " 
         وتم تزاوج بين المسلمين والذميات ، وخاصه فى عصر الامراء الطولونين حيث ظهر الاندماج بين المسلمين والمصريين واضحا . وتؤكد ذلك بعض الوثائق ، نذكر منها واحده تتضمن زواج يونة ابنة خليص من يزيد بن قاسم .
         والواقع ان زواج المسلمين من الذميات بدأ فى مصر الاسلامية منذ ان بدا العرب ينزلون الريف والقرى المصرية ويعملون فى الزراعة الاراضى . كما ان القبط الذين اعتنقوا الاسلام اختلطت انسابهم بأنساب المسلمين العرب بعد نكاحهم المسلمات  .
       وهناك نص فى القرآن الكريم يدل على ان يجوز للمسلم نكاح نساء اهل الذمة . قال تعالى } اليوم احل لكم الطيبات ، وطعام الذين اوتوا الكتاب حل لكم ، وطعامكم حل لهم ، والمحصنات من المؤمنات ، والمحصنات من الذين اوتوا الكتاب من قبلكم {  بينما لا يحل لمسلم نكاح اماء اهل الذمة 4.


تحليل بعض الوئاثق التى تحمل اسماء ذميين بصيغة إسلامية :
الوثيقة الاولى :
1 بسم الله ا ] لرحمن الرحيم [
2 ] هـ[ ــذا ما اصدق إسـ] ــمعيل مولى احمد [ بن مروان القر] شـ[ ـي
بمدينة اشمون عايشة
3 ] إبـ[ ـنت يوسف السا] كنة ..... عند ما خطبهـ[ ـا الى نفسها وهـ]ـى ا [
مرأة ايم بالغ بعد ان فو ]ضت [
4 ] امـ[ ـرها الى جدهـ] ـا يعقوب [ بن اسحق الـ] ........و [ اشهدت له شهود
5 ] بتـ[ ـوكيلها اياه فقبل وكـ] ـالتهـ[ ـا وانفذ ] نكاحها وأصـ[ـدقها إسمعيل مولى
6 ]ا[ حمد بن مروان القرشى اربعة دنانير مثاقيل طرا جياد وازنة يعجل لها
7 ] ا[ سمعيل دينرين مثقالين نقدا حالا معجلا ويبقى لعا ] يشـ[ ـة إبنت يوسف
8 على زوجها إسمعيل مولى احمد بن مروان دينرين مؤخرين الى
خـ]ـمسة [ سنين
9 أولهم شهر ربيع الـ] ـأول [ سنة تسع وخمسين وماتين وشرط اسمعيل مولى
10 احمد بن مروان لامرأته عايشة تقوى الله العظيم بحسن الصحبة والمعاشرة
11 كما امر الله عز وجل وسنة محمد صلى الله عليه وسلم على
12 الامساك بالمعرف او التسريح بالاحسان وشرط اسمعيل
13 مولى احمد ان كل امرأة يتزوجها على إمرأته عايشة ابنت يوسف
14 ] تقـ[ ـام تلك المرأة بيد عايشة تطلق كيف ] شـ[ ـات من الطلاق
15 وولى عقد هذا النكاح يعقوب بن اسحق فقبل الوكالة وانفذ
16 النكاح ورضى اسمعيل بالمهر المعجل والمؤخر والشروط المسمات
17 فى هذا الكتاب وألزم ذلك نفسه فى صحة عقله وبدنه وجواز
18 امره لا علة به من مرض ولا عرة فى شهر ربيع الاول سنة تسع
19 وخمسين وماتين وشهـ] ـد على[ ذلك


        وجد عقد الزواج على ورق بردى اصفر رقيق . ويشتمل على حساب قمح من 20 سطر موازية للالياف الافقية ، وبظهره كتاب الصداق من 19 سطرا موازية للالياف العمودية ، والصكان مكتوبان بحبر اسود ، والكتابة خالية من النقط . والعقد فى حالة جيدة، ولم يعرف بعد المكان الذى كشف فيه .ومؤرخ بسنة 259 هـ . اثناء حكم الدولة الطولونية (فترة حكم احمد بن طولون )فى عهد الخليفة المعتمد العباسى " 256 – 279 هـ"
      نلاحظ فى العقد نفس الصيغة الاسلامية المعرفة فى تلك الفترة وهى البدأ بالبسمله ثم ذكر اسم الزوجين بصيغة ( هذا ما اصدق اسمعيل مولى احمد بن مروان القرشى بمدينة اشمون عايشة) ، ثم ذكر مكان سكنها شروطها لصحة الزواج وهى ( ايم ، بالغ ) مثلما فى قوله تعالى } وانكحوا الايامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم { ] النور : 32 [ والايم جمع أيم وهى التى لا زوج لها يقال تأيمت تأيما اى امتنعت عن الزوج .
        ونجد انها ولت امرها لجدها يعقوب ابن اسحاق . ويظهر من اسمه انه نصرانيا ولكن عايشة اسم عربى مسلم ، ونستدل من ذلك انها من اسرة نصرانيا اعتنقت الاسلام واطلقت اسماء عربية اسلامية على ابنائها . مثل عايشة ابنت يوسف بن يعقوب بن اسحق . ثم بعد ذلك اتى ذكر الصداق بمبلغ اربعة دنانير وهذا يدل على ان الزوجين من الطبقة الفقيرة  ،وعجل لها دينارين واخر دينارين على ان يسدده خلال خمسة سنين من تاريخ العقد ، ثم جاء ذكر الرسول (صلى الله عليه وسلم ) والاشارة الى الاية القرآنية ( الامساك بالمعروف اوالتسريح بالاحسان ) .
        وهناك شرط ذكر فى العقد ان عند زواج اسمعيل مولى احمد من امرأة غير عايشة ان يكون من حق عايشة ان تطلق نفسها منه بمقتضى العقد  ،وهذا يدل على وضع المرأة ومكانتها فى المجتمع الاسلامى وحصولها على حقوقها ،وموافق الزوج على هذه البنود . ثم اتى ذكر صفات الزوج لصحة الزواج وهى ( صحة عقله وبدنه وجواز امره ولا عله به من مرض ) وهى من الشروط الاساسية لصحة الزواج عند الحنيفية.


الوثيقة الثانية :
1 ] بسم الله الرحمن الرحيم [
2 هذا ما اصدق يـ] ـحنس بن شنوده الساكن مـ[ ـدينة أشمون دروا بنت
3 شنوده ] الساكن مدينة كذا عند ما خطبها الى نفسهـ[ ـا وهى امرأة أيم
بالغ تلى
4 نفسها ..]. ...... فلان بن فلان البقـ[ ـال واشهدت له شهودا
5 بتوكيلها اياه فى إنـ] ـكاحها        [ ل فأصدقها أ] ر[ بعة دنانير
6 عينا ذهبا لمرأته فـ] ـبل اصابته بها [ ودخوله عليها دينرين نقدا جياد
7 معجلا واخرت ..]           [ صداقها على زوجها يحنس بن شنوده
8 خمسة سنين أ] ولهن شعبان من سنة إحـ[ ــدى وسبعين ومايتين
وعليه تقوا
9 الله وحده لا شريك له و ] احسان صحبتهـ[ ـا وقد اوصل يحنس بن شنوده الدينرين


         وجد هذا العقد على ورق بردى اصفر فاقع رقيق مركب من قطعتين ووجه الصك مكتوب بحبر اسود بيد كاتب ماهر على عرض الالياف الافقية . والكتابة خالية من النقط . ومؤرخة فى العشر الاواخر من شهر شعبان سنة 271 هـ . فى نفس فترة الوثيقة السابقة فترة حكم احمد بن طولون فى مصر .
       نجد ان هذه الوثيقة نفس صيغة عقد الزواج الاسلامى ولكن اسم الزوجين من اسماء اهل الذمة النصارى ، ولكن جميع بنوده تتفق مع شروط الشريعة الاسلامية فى الزواج . ونستدل من ذلك ان الزوجين كانوا من النصارى واسلموا نتيجة الاندماج مع المسلمين ، ولكنهم احتفظو باسمائهم رغبا منهم دون إجبار ، وذلك لان تلك الفترة لم يكن فيها تشدد فى تطبيق التميز بين المسلمين واهل الذمة فى الاسم او الملبس او غير ذلك . وكانوا يتمتعوا بحرية كاملة . والدليل على ذلك الوثيقة السابقة التى بدأ فيها يتخد النصارى اسماء عرب مسلمين . 
والصداق هنا اربعة دنانير يقدم اثبين عند العقد ويؤخر اثنين يسدده خلال خمسة سنين من تاريخ العقد اولهن شعبان سنة 271 هـ  ، وهذا يدل ايضا على انهم من الطبقة الفقيرة  .


الوثيقة الثالثة :
1 بسم الله الرحمن الرحيم
2 ذكر حق يونه ابنت حليصى على زوجها يزيد بن قاسم
3 الجرار عليه عشرة الدنانير وزن المثاقيل الجديد عينا
4 ذهبا نقد جيد وهذا العشرة الدنانير حالة
5 ليونه ابنت حليصى على زوجها يزيد بن قاسم الجرار
6 والعشرة دنانير بقية صداقها ومن قام بالذكر الحق
 7 اقتضاه ومن أحالت عليه اقر لها بحقها شهد على ذلك
8 اليسع بن عيسى وهو كاتب الصك وشهادته فى انسلاخ
9 صفر سنة ثلث وثلثين وماتين :.
10 وموسى بن هرون بن ابى هرون وكتب شهادته على يزيد الجرار
بجميع ما فى
11 هذا الصك وشهادته فى شهر ربيع الاول من سنة اثنين وثلثين ومايتين
(علامة )
12 شهد داود بن سليمن على اقرار يزيد بن قاسم الجرار بجميع ما فى
13 هذا الكتاب فى شهر ربيع الاول من سنة ثلثة وثلثين ومايتى
14 شهد لقمان بن سليمن على اقرار يزيد بن قاسم الجرار بجميع ما فى هذا
15 الكتاب وشهادته فى انسلاخ صفر سنة ثلثة وثلثين
16 شهد اليسع بن عبد الوهاب على اقرار يزيد الجرار بجميع ما فى هذا الكتاب
17 فى شهر ربيع الاول من سنة ثلثة وثلثين وماتين
18 شهد عبد الكريم بن موسى على اقرار يزيد الجرار بجميع ما فى هذا
 الكتاب
19 وعبد الله بن موسى وكتب شهادته بخطه سنة
20وعبد الصمد بن عبد الرحمن بن اسمعيل وكتب شهادته بخطه ( مخمس )
21 شهد رفاعة بن اسحق على يزيد بن قاسم الجرار بجميع ما فى
22 هذا الكتاب وشهادته فى شهر ربيع الاول سنة ثلثة وثلثين وماتين
23 شهد يحيى بن صفوان المرادى على يزيد بن قاسم الجرار بجميع ما فى هذا
24 الصك وشهادته فى شهر ربيع الاول من سنة ثلثة وثلثين وماتين
25 شهد مـ ] ـحمـ[ ـد بن جرى الابرى على يزيد بن قاسم الجرار بجميع
ما فى هذا الصك وشهادته فى صفر سنة ثلثة
26 وثلثين وماتين
27 شهد عبد الرحمد بن عباس بن عبد الرحمن بن سلام القرشى على اقرار
يزيد بجميع ما فى هذا الكتاب
28 وعبد الله زكرى وكتب شهادته على اقرار يزيد بجميع ما فى هذا
 الكتاب ( علامة )
29 شهد عبد الله بن الحجاج على اقرار يزيد الدباغ بجميع ما فى هذا الكتاب
(علامة )
30 فى ذى الحجة سنة خمس واربعين ومايتين واحمد بن موسى وكتب
شهادته بخطه
 31 وعبد الصمد بن هرون وكتب شهادته
32 وحميد بن عبيد وكتب شهادته بيده بجميع ما فى هذا
33 الكتاب وعمر بن محمد بن عمران وكتب شهادته على اقرار يزيد بن قاسم
الجرار فى شوال سنة خمس
34 < واربعين > وماتين


       هذه الوثيق مؤرخة بسنة 233 هـ ، وهى تختلف عن غيرها من الوثائق السابقة فى عدة اشياء ، اولا اسم الزوجه من اهل الذمة النصارى (يونة ابنت حليصى ) ، واسم الزوج مسلم عربى ( يزيد بن قاسم ). وصيغة الزواج إسلامية ومتوفر فيها جميع شروط الزواج فى الشريعة الاسلامية الا شرط واحد وهو ان بعض الشهود من اهل الذمة مثل اليسع بن عيسى ، وموسى بن هرون ، اليسع بن عبد الوهاب  . وهذا لا يجوز عند كل من الشافعية ، والحنابلة ، والمالكية . اما عند الحنيفية يجوز فى حاله ان تكون الزوجة من اهل الذمة والزوج مسلم .
        ونستنتج من ذلك ان الزوجة فى هذا العقد من اهل الذمة النصارى ولم تدخل فى الاسلام وظلت على دينها ، فى حين ان الزوج مسلم ، وهذا يصح فى الاسلام . هناك اية قرانية تدل على ذلك . وهى . قال تعالى } اليوم احل لكم الطيبات ، وطعام الذين اوتوا الكتاب حل لكم ، وطعامكم حل لهم ، والمحصنات من المؤمنات ، والمحصنات من الذين اوتوا الكتاب من قبلكم {.
ونجد الصداق هنا عشرة دنانير يدل ايضا على انهم ينتمون الى الطبقة الفقيرة ، والظاهر انه لم يقدم من الصداق شئ وانما اخرهم لها دون تحديد مدة محدده لسداده .
        كما نجد ان عدد الشهود كبير جدا يصل الى سبعة عشر شاهد منهم شهود من اهل الذمه ، وهذا يجوز لان اقل نصاب الشهادة فى النكاح اثنان فلا تصح بواحد ولابد ان يكون الشهود ذكور، متوفر فيهم بعض الشروط العقل والبلوغ والعدل والحرية . ولا يصح شهادة المراة على عقد الزواج عند كل من الشافعية والحنابلة والمالكية . ولكن يصح عند الحنيفية ،  لا يشترط فيها ان يكون ذكرين بل تصح برجل وامرأتين ، على ان النكاح لايصح بالمرأتين وحدهما ، بل لابد من وجود شاهد رجل معهما . ولا يشترط فيها عدم الأحرام فيصح عقد المحرم بالنسك . 


ولابد فى النهاية من الحديث عن مكانة المراة فى الاسلام :
المرأة فى التشريع الإسلامى :
      دخل الدين الإسلامى لمصر مع الفتح العربى عام 20هـ أى قبل 1410 عام ونظم بشريعته الغراء مكانة المرأة المسلمة عموماً  ، حيث رد الله للمرأة مكانتها من خلال الدين الجديد  وحقق لها ذاتيتها وشخصيتها المستقلة وأعطاها من الحقوق ما لم تحظ بها المرأة فى العالم المعاصر إلا فى القرن العشرين .

حقوق المرأة  فى الإسلام :
1- خاطب الله سبحانه وتعالى المرأة فى كتابة الكريم بمثل  ما خاطب الرجل وساوى بينهما  من حيث القيمة الإنسانية والروحية بإعتبار أن الأنوثة والذكورة ليستا فى نظر الإسلام فارقاً فى تقرير الشخصية الإنسانية ، ونهى عن العديد من العادات والتقاليد المجحفة بالمرأة .

2- كما ساوى بينهما فى العقيدة حيث لا فرق فى أداء الأعمال الصالحة وكذلك العبادات ، الجزاء واحد عن العمل الصالح وغير الصالح .

3- كذلك ساوى الإسلام بين المرأة والرجل فى القوانين المدنية والجنائية فكل منهما محفوظ النفس والعرض والمال إلا بالقانون ولا تسلب حرية أى منهما دون أن تثبت عليه جريمة ولديهما الحرية الكاملة فى إبداء الرأى .

4- وإعترف الإسلام بحق المرأة فى التعليم فنص على أن طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة سواء أن كانت علوم دينية ودنيوية  .

5- أجاز الدين الإسلامى للمــرأة العمل فى القطاعات المختلفة مثل الزراعة والتجارة ..الخ، لتكون أداة فعالة فى المجتمع وخاصة فى حالة وفاة الزوج أو عدم قدرته على إعالة أسرته، وخير دليل على ذلك السيدة خديجة زوج الرسول محمد ( صلى الله عليه وسلم) والتى تزوجها الرسول وهى تعمل بالتجارة ، كذلك طالب الرسول عند هجرته للمدينة المنورة بالعمل للنساء والرجال على حد سواء مع المطالبة بالتخفيف عن المرأة لطبيعتها الجسمانية ، كما تولت المرأة المسلمة وظيفة الإفتاء والتى تعتبر من أخطر الوظائف التشريعية ، كذلك أفتى ( الإمام أبو حنيفة) بجواز ولاية المرأة للقضاء .

6- كما اشتركت المرأة فى المعارك العسكرية منذ أيام الرسول والخلفاء الراشدين وقامت بالإسعافات للجرحى وتجهيز الطعام للجنود والسقاية ، ووصل دورها للإشتراك الفعلى بالمعركة فى موقعة ( اليرموك) التى قادها القائد العربى خالد بن الوليد وفتحت منطقة الشام بعدها .

7- حدد الإسلام علاقة المرأة بالرجل وخاصة فيما يتعلق بالزواج لما فيه من مودة ورحمة والأسرة هى عماد المجتمع فإن صلحت صلح المجتمع ككل والعكس صحيح ولذلك أمر بالتعليم لكل من الرجل وأيضاً المرأة لتقوم بدورها فى تربية النشء على خير ما يكون .واعطى لها حق التصرف فى ممتلكتها بحرية كاملة .

8- أمر الرجل بحسن معاملة المرأة وعدم الجور عليها .

9- المهر عند الزواج هدية من الزوج خالصة تماماً للزوجة .

10- حق المرأة فى الاختيار فى مسألة الزواج ، حيث موافقة المرأة شرط اساسى من شروط شرعية الزواج .

11- وضع الإسلام شريعة الطلاق كحل نهائى للخلافات التى قد تنشأ بين الطرفين ويحق للمرأة طلب الطلاق ، وفى حال إتمامه يتكفل الرجل للمرأة بالمعيشة مع أبنائها طوال مدة الحضانة .(33)

قائمة المصادر والمراجع : 


 مسلم بن الحجاج النيسابورى : مسلم بن الحجاج ابو الحسين القشرى ، كتاب صحيح مسلم ،  تحقيق محمد فؤاد عبد الباقى ، بيروت  ، د.ت  .
 الشيخ نجم الدين النسفى : نجم الدين ابى حفصى عمر بن محمد ىبن احمد النسفى (ت 537 هـ) ،كتاب طلبة الطلبة فى الاصطلاحات الفقهيه ، د.م ، د.ت .
 عبد الرحمن الجزيرى : كتاب الفقه على المذاهب الاربعة ، مكتبة الايمان ، المنصورة ، د. ت
 فاطمة مصطفى عامر : تاريخ اهل الزمة فى مصر الاسلامية ، القاهرة ، 2000 م
 ناريمان عبد الكريم احمد : المرأة فى مصر فى العصر الفاطمى ، القاهرة ، 1993م .





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق